surface, rain, drops-455124.jpg

فائدة التقييم

صنع السياسات القائمة على الأدلة:

يهدف تصميم برامج وسياسات التنمية إلى تغيير الحصائل في العادة، مثل زيادة الدخل، أو تحسين مستوى التعليم، أو الحد من الأمراض. وتظل مسألة ما إذا تحققت هذه التغييرات ً بالفعل أم لا تساؤلا مهما مطروحا في السياسة العامة، غير أنه يتعرض للتجاهل في كثير من الأحيان. في حين أن الأمر الأكثر شيوعا هو تركيز مديري البرامج وصانعي السياسات على قياس َ مدخلات البرنامج ومخرجاته الآنية ورفع تقارير عنها—مقدار الأموال التي يتم إنفاقها، وعددً الكتب المدرسية التي يتم توزيعها، وعدد الأشخاص المشاركين في برنامج التوظيف—عوضا عن تقييم ما إذا نجحت البرامج في تحقيق الغايات المرجوة منها لتحسين الحصائل أم لا. ً تمثل تقييمات الأثر جزءا من مخطط أوسع نطاقا لصنع سياسات قائمة على الأدلة. ويتسم ّ هذا الاتجاه العالمي المتنامي بتحول التركيز من المدخلات إلى الحصائل والنتائج، ويعمد إلى إعادة تشكيل السياسة العامة. ولا يقتصر التركيز على استخدام النتائج في وضع الأهداف الوطنية والدولية وتتبعها، وإنما يزداد استخدام مديري المشاريع لها، ومطالبتهم بها، لتعزيز المساءلة، وتحديد مخصصات الميزانية، وتوجيه تصميم البرنامج والقرارات المتعلقة بالسياسة. ً تعد المتابعة والتقييم جزءا لا يتجزأ من عملية صنع السياسات القائمة على الأدلة. ويوفران ّ مجموعة أساسية من الأدوات التي تستطيع الأطراف المعنية استخدامها للتحقق من جودة السياسات والبرامج، وكفاءتها، وفاعليتها، والعمل على تحسينها، في مراحل مختلفة من عملية التنفيذ، أو بعبارة أخرى، التركيز على النتائج. وعلى مستوى إدارة البرنامج، هناك حاجة إلى فهم خيارات تصميم البرنامج الأكثر فعالية من حيث التكلفة، أو تقديم البراهين لصانعي القرارات التي تفيد بأن البرامج تحقق نتائجها المرجوة من أجل الحصول على مخصصات الميزانية في سبيل مواصلة تنفيذ البرامج أو التوسع فيها. وعلى المستوى القطري، تتنافس الوزارات ً مع بعضها البعض للحصول على تمويل من وزارة المالية. وأخيرا، تتحمل الحكومات المسؤولية ً أمام المواطنين إلطالعهم على أداء البرامج العامة. ويمكن أن تشكل الأدلة أساسا قويا للشفافية والمساءلة.

مركز الأثر

يتزايد استخدام الأدلة القوية الناجمة عن تقييمات الأثر كأساس لمزيد من المساءلة، ّ والابتكار، والتعلم. وفي ظل ظروف يطالب فيها صانعو السياسات والمجتمع المدني بنتائج ومساءلة من البرامج العامة، يمكن أن يوفر تقييم الأثر أدلة قوية وموثوقة على الأداء، والأهم، حول ما إذا كان برنامج معين قد حقق الحصائل المرجوة منه أم ما زال يحققها. وعلاوة على ذلك، تُستخدم تقييمات الأثر بكثرة للتحقق من الابتكارات في تصميم البرنامج أو تقديم الخدمة. وعلى مستوى العالم، فإن تقييمات الأثر محورية في بناء المعرفة حول مدى فعالية برامج التنمية من خلال تسليط الضوء على ما ينجح وما لا ينجح في الحد من الفقر وتحسين الرفاهية. ببساطة، يعمد تقييم الأثر إلى تقدير التغييرات التي تطرأ على رفاهية الأفراد التي يمكن أن تُسند إلى مشروع، أو برنامج، أو سياسة معينة. ويمثل هذا التركيز على الإسناد السمة المميزة لتقييمات الأثر. وفي المقابل، يكمن التحدي الرئيسي أمام إجراء تقييمات الأثر الفعالة في تحديد العلاقة السببية بين البرنامج أو السياسة والحصائل محل الاهتمام. وبشكل عام، تعمل تقييمات الأثر على تقدير متوسط آثار البرنامج، أو أشكال البرنامج، أو ابتكار التصميم. على سبيل المثال، هل نجح برنامج المياه والصرف الصحي في زيادة إمكانية الوصول إلى مياه صالحة للشرب وتحسين الحصائل الصحية؟ وهل أدى المنهج الدراسي الجديد إلى زيادة درجات الاختبار بين الطالب؟ هل نجح ابتكار تضمين المهارات غير المعرفية كجزء من برنامج تدريب الشباب في تعزيز ريادة الأعمال وزيادة الدخل؟ في كل واحدة من هذه الحالات، يقدم تقييم الأثر معلومات عما إذا كان البرنامج قد أسفر عن التغييرات المرجوة في الحصائل، على نقيض دراسات حالة أو حكايات محددة، والتي يمكن أن تقدم معلومات جزئية فقط ولا تمثل إجمالي آثار البرنامج. ومن هذا المنطلق، فإن تقييمات الأثر جيدة التصميم والتنفيذ قادرة على تقديم أدلة مقنعة وشاملة يمكن استخدامها في توجيه قرارات السياسة، وتشكيل الرأي العام، وتحسين العمليات التشغيلية للبرنامج. 

تبحث تقييمات الأثر التقليدية مدى فعالية البرنامج مقابل غيابه ، علاوة على الإجابة عن السؤال الأساسي حول ما إذا كان البرنامج فعالا أم لا، يمكن أيضا استخدام تقييمات الأثر اختبار أشكال البرنامج البديلة أو ابتكارات التصميم بوضوح. ومع تزايد تركيز صانعي السياسات على اكتساب ُ فهم أفضل لكيفية تحسين عملية التنفيذ والحصول على قيمة مقابل المال، تكتسب مقاربة اختبار بدائل التصميم ً مكانة لها على أرض الواقع سريعا. على سبيل المثال، يمكن أن يقارن التقييم بين أداء برنامج تدريبي وحملة ترويجية لمعرفة أيهما أكثر فعالية في زيادة محو الأمية المالية. ويمكن أن يختبر تقييم الأثر مزيجا من نهج التغذية وتحفيز الطفل الذي له أكبر أثر على نمو الطفل. أو قد يختبر التقييم ابتكار التصميم لتحسين برنامج قائم، مثل استخدام الرسائل النصية للحض على تناول الأدوية الموصوفة. 

لماذا نقوم بالتقييم :

المساءلة.

التعلم. 

وفي هذا الصدد، يمكن أن:

تسهم في تحسين سياسة، أو برنامج، أو مشروع إنمائي محدد. ويدعم التقييم التعلّم لتحديد النُهج والعمليات التي نجحت أو لم تنجح في تحسين الحصائل الحالية والمستقبلية. وبالاستناد إلى المتابعة والبيانات الإضافية، تزود التقييمات المديرين والأطراف المعنيّة بوسائل لتأمل الأداء.

تؤثر في استمرارية أو وقف سياسة، أو برنامج، أو مشروع. وتقدم استنتاجات التقييم الأساس اللازم لاتخاذ قرارات مستنيرة، ويمكن أن تدعم البرامج القائمة على الأدلة وصنع السياسات.

تقدم تفسيرًا للأطراف المعنيّة حول النفقات العامة، أو نتائج المشروعات، أو السياسات، أو البرامج. توفر التقييمات معلومات لدافعي الضرائب، وواضعي السياسات، والمتبرعين/الممولين، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، ووسائل الإعلام، والأطراف المعنيّة الأخرى حول أداء البرنامج وكيفية استخدام الأموال بشكل جيد لتحقيق النتائج المرجوة.

تساعد على التواصل حول سياسة، أو برنامج، أو مشروع وحشد الدعم له. إذا أسفر التقييم عن نتائج إيجابية، فيمكن استخدامه لدعم جهود الترويج وكسب التأييد ويشكل الأساس للإبلاغ عن فوائد أو فاعلية سياسة، أو برنامج، أو مشروع، لضمان استمراريته.

ومن ثمّ، غالبًا ما تتخطى الاستخدامات المقصودة لاستنتاجات التقييم مجرد تنفيذ القرارات المتعلقة بسياسة، أو برنامج، أو مشروع معين، وتترك تأثيرًا أوسع نطاقًا في القرارات على مستويات الوكالة أو القطاع. يرد في المربع 3 مثالٌ على كيفية تأثير معلومات التقييم في قرارات السياسة العامة.

بالإضافة إلى تحديد غرض التقييم وسببه المنطقي، من الضروري تقدير ما إذا كان إجراء مثل هذا التقييم ممكنًا. ويتضمن التخطيط للتقييم اتخاذ قرارات مفاضلة، بينما يتعين على مدير التقييم في العادة الموازنة بين تكاليف وجدوى تصميمات متعددة مقابل الفوائد المحتملة للاستنتاجات التي تعود على مديري البرنامج، أو صانعي السياسات، أو العامة، أو الجمهور الآخر. ويمكن تجنب المشكلات الشائعة خلال مرحلة التخطيط عن طريق تقييم ما إذا كان البرنامج، أو السياسة، أو المشروع من الممكن:

“تقييمه بشكل مجدٍ” — مع أهداف محددة بوضوح وبيانات يمكن تحقيقها

“ما إذا كان من المحتمل أن يسهم التقييم في تحسين الأداء” — مع قدر من الاتفاق بين المستخدمين المستهدفين حول كيفية استخدام النتائج (Wholey 2004, p. 35).

المرجع:

تقييم الأثر في الواقع العملي  (البنك الدولي)

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *